الثاني أن اسم العرب والعجم قد صار فيه اشتباه، فإنا قدمنا أن اسم العجم يعم في اللغة: كل من ليس من العرب، ثم لما كان العلم والإيمان في أبناء فارس أكثر منه في غيرهم من العجم؛ كانوا هم أفضل الأعاجم، فغلب لفظ العجم في عرف العامة المتأخرين عليهم، فصار حقيقة عرفية عامية فيهم.
واسم العرب في الأصل كان اسما لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف (?) .
أحدها: أن لسانهم كان باللغة العربية.
الثاني: أنهم كانوا من أولاد العرب.
الثالث: أن مساكنهم كانت أرض العرب وهي: جزيرة العرب، التي هي من بحر القلزم (?) إلى بحر البصرة (?) ومن أقصى حجر باليمن، إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم، ولا تدخل (?) فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب، حين المبعث وقبله.
فلما جاء الإسلام وفتحت الأمصار سكنوا سائر البلاد، من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وإلى سواحل الشام وأرمينية (?) وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر، وغيرهم.