المسلمين، فمن ذلك: جهاده بالسيف وتحريضه المسلمين على القتال، بالقول والعمل، فقد كان يجول بسيفه في ساحات الوغى مع أعظم الفرسان الشجعان، والذين شاهدوه في القتال أثناء فتح عكا عجبوا من شجاعته وفتكه بالعدو (?) .
أما جهاده بالقلم واللسان، فإنه رحمه الله وقف أمام أعداء الإسلام من أصحاب الملل والنحل والفرق والمذاهب الباطلة والبدع كالطود الشامخ، بالمناظرات حينًا وبالردود أحيانًا، حتى فند شبهاتهم ورد الكثير من كيدهم بحمد الله، فقد تصدى للفلاسفة، والباطنية، من صوفية وإسماعيلية ونصيرية وسواهم، كما تصدى للروافض والملاحدة، وفند شبهات أهل البدع التي تقام حول المشاهد والقبور ونحوها، كما تصدى للجهمية والمعتزلة وناقش المتكلمين والأشاعرة.
والمطلع على هذا الجانب من حياة الشيخ يكاد يجزم بأنه لم يبق له من وقته فضلة، فقد حورب وطورد وأُوذي وسُجن مرات في سبيل الله، وقد وافته منيته مسجونًا في سجن القلعة بدمشق.
ولا تزال بحمد الله ردود الشيخ سلاحًا فعَّالًا ضد أعداء الحق والمبطلين، لأنها إنما تستند إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهدي السلف الصالح، مع قوة الاستنباط، وقوة الاستدلال والاحتجاج الشرعي والعقلي، وسعة العلم، التي وهبها الله له.
وأكثر المذاهب الهدامة التي راجت اليوم بين المسلمين هي امتداد لتلك الفرق والمذاهب التي تصدى لها الشيخ وأمثاله من سلفنا الصالح، لذلك ينبغي للدعاة المصلحين أن لا يغفلوا هذه الناحية، ليستفيدوا مما سبقهم به سلفنا الصالح.