لأبيه سماع من أبي هريرة، فتعلق بذلك المعترض، فقال: فالإسناد منقطع في موضعين، الله أعلم من الواسطة فيهما.
وهذا يدل على قدر معرفته بهذا العلم الشريف، فإن البخاري يحترز في مسألة السماع احترازًا بالغًا، حتى كان اهتمامه بها في تاريخه أعظم من اهتمامه بحال الرواة عدالة وجرحًا، وقد قال في علل الترمذي الكبير ص (207): بشير بن نهيك لا أرى له سماعًا من أبي هريرة، وقد اخرج حديثه في صحيحه مسندًا برقم (5864)، فهل يجرؤ هذا المعترض عل الحكم بانقطاع هذا الإسناد في صحيح البخاري؟!
ثم ذكر قول الحافظ: عن سلمة أبي يعقوب: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ، وهذه عبارة عن ضعفه، فإنه قليل الحديث جدًّا، ولم يرو عنه سوى ولده، فإذا كان يخطيء مع قلة ما روى فكيف يوصف بكونه ثقة؟!
فعقب المعترض: بقوله: فهو نازل عن درجة الاعتبار، وقال: هذا الرواي الضعيف جدًّا لا يصلح للاعتبار.
قلت: إن كلام الحافظ لا يفهم منه أكثر من الاعتراض على ابن حبان في توثيقه، ولا يفهم منه تضعيفه الشديد لهذا الراوي، بل عبارة ابن حبان: ربما أخطأ أقرب إلى التوثيق منها إلى التضعيف، فإن كلمة (ربما) تدل على وقوع الخطأ في بعض الأحيان، لا في كلها، وقد قال الحافظ في التقريب عن سلمة الليثي: لين الحديث، وهو من التضعيف الهين، وقد سبق قول الذهبي: وإسناده فيه لين، وهو أيضًا من التضعيف الهين بخلاف ما ادعاه هذا المعترض!.
والحديث له شواهد، منها:
حديث أبي سعيد عند الترمذي في العلل الكبير (18)، وابن ماجه (397)،