فيهم ابن لهيعة على خلاف في ضعفه، وقد سبق قول أحمد: ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيراً مما أكتب أعتبر به، وهو يقوي بعضه ببعض، وهذا يرد دعوى وصمه بالضعف جدًّا، فهو صالح في المتابعات كما قال أحمد، وهذا يدلك على خطر الغلو، وسوء عاقبته، فليست المسألة متقدمين ومتأخرين، ولكن هذا الغلو يؤول بمنتحليه إلي هدم السنن، نسأل الله المعافاة.

وأما تقليله من شأن عمرو بن الحارث، فقد سبق بيان حاله والجواب عن قول أحمد فيه، فهو يقارب يحيى الأنصاري في الثقة والإتقان إن لم يساوه، فكيف إذا توبع من هؤلاء الثلاثة، فالذي تقتضيه القواعد الحديثية ترجيح رواية الوصل والرفع على رواية الإرسال، وأحسن حال رواية يحيى بن سعيد أن يقال: إن الحديث محفوظ على الوجهين وهو ما ذهب إليه إمام المحدثين في عصرنا حيث قال: لا تعارض بينه (يعني المرسل) وبين وصله لجواز أن عمرًا كان يرسله تارة، ويوصله تارة، فروى كل ما سمع، والكل صحيح.

قال المستدرك: وهذا الكلام بعيد عن الصواب كل البعد، إذ لو أخذنا بهذا التجويز (أي قوله: يجوز أن عمرًا) لهدمنا جانبا كبيرا من علم العلل، لأن العلل تقوم على جمع الطرق، والمقارنة بينها.

قلت: أما، جمع الطرق فما زدت طريقا واحداً عما أتى بها الشيخ رحمه الله، وأما المقارنة فقد سبق بيِان ما تقتضيه القواعد الحديثة فيها، فلماذا هذا التنفخ والتطاول على إمام العصر بما لا تحسنه؟ ألا تتقي الله عز وجل؟، فلو أنك قلدت الأئمهَ الذين ضعفوا الحديث لكنت معذورًا، لكن ليس لك أن تنكر على مخالفك، فضلاً عن أن تتطاول بهذا الكلام السمج على أئمة هذا الشأن، والله المستعان!!!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015