قال المستدرِك: فأنت ترى أن الشيخ الألباني يتعجب من صنيع الترمذي، ويرى أنه لم يحسن صنعًا، وهذا واضح من أسلوبه ومن استخدامه علامتي التعجب والاستفهام، وأنا أتساءل أيضًا، وأقول: هل يخفى على الترمذي أن عدم السماع الذي ذكره عن أبي عبيدة يعني الانقطاع، كما فهمه الشيخ الألباني؟!
وأقول: إنك استعملت العلامتين أنفسها مع الشيخ، فيرجع إليك كل هذه الاتهامات التي وجهتها للشيخ، وطالب العلم الذي عرف قدر نفسه وقدر أهل العلم لا يدخل نفسه بين أهل العلم الكبار إلا بالسعي للتوفيق والجمع بين كلامهم بكل أدب وتقدير، لا أن يجعل من نفسه معلمًا ومربيًا لهم كما هو حاصل من هذا المتعجل، وإلا فالسكوت واسع، وتوجيه كلامهما على أحسن المحامل لا يعجز عنه طالب العلم المؤدب، أسأل الله عز وجل أن يجعلني منهم، ولا يخفى على أحد أن الشيخ الألباني رحمه الله لا يمكن أن يخطر بباله أن الترمذي رحمه الله يخفى عليه أن عدم السماع يعني الانقطاع، فاتهام هذا المتطاول للشيخ الألباني رحمه الله بأنه فهم هذا إساءة ظن بالغة بالشيخ رحمه الله، وإلا فتوجيه كلاميهما على وجوه حسنة بما يناسب كلاميهما متيسر لكل من له أدنى فهم، فتعجب الشيخ يمكن توجيهه بكون حكم الترمذي ينافي المشهور من اصطلاح أهل هذا الفن، ويوجه كلام الترمذي بأنه حكم على ظاهر الإسناد بالنظر إلى حال رواته دون النظر في اتصال إسناده، وإلا فكيف يفسر قول الترمذي: حديث عبد الله ليس بإسناده بأس، ثم استدرك، فقال: إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله، فمعلوم أن (إلا) أداة استثناء، وهي تعني إخراج شيء عن حكم الذي قبله، فكأنه يقول: إن إسناده ليس به بأس لولا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والترمذي رحمه الله كلما أخرج حديث أبي عبيدة عن أبيه نبَّه في الأغلب على عدم سماعه منه، مثل الحديث رقم (622)، (1061)، وفي