قال في الكلام عليه: وفي ذلك من الحكمة تَذَكُّر الوقائع الماضية للسلف الكرام، وفي طَيِّ تذكرها مصالح دينية، إذ تبين في أثناء كثير منها ما كانوا عليه من امتثال أمر الله، والمبادرة إليه، وبذل الأنفس في ذلك، وبهذه النكتة يظهر لك أن كثيراً من الأعمال التي وقعت في الحج ويقال فيها: ـ إنها تعبد ليست كما قيل، ألا ترى أنا إذا فعلناها وتذكرنا أسبابها حصل لنا من ذلك تعظيم الأولين، وما كانوا عليه من احتمال المشاق في امتثال أمر الله، فكان هذا التذكر باعثاً لنا على مثل ذلك، ومقرراً في أنفسنا تعظيم الأولين، وذلك أمر معقول إلى أن قال: ـ
وكذلك رمي الجمار إذا فعلناه وتذكرنا أن سببه رمي إبليس بالجمار في هذه المواضع عند إرادة الخليل ذبحَ ولدِه، حصل من ذلك مصالح عظيمة النفع في الدين. انتهى.
وأما زعمه أن الرمي بالجمار كان في القليب بمزدلفة فهذا يبين لك أن هذا السائل من أجهل الناس، وأشدهم غباوة، فإنه قد كان من المعلوم أن الرمي بالجمار لم يكن في قليب، ولم تكن هذه القليب بمزدلفة، فإن هذا مما لا يخفى على آحاد الناس، فضلاً عَمَّن ينتسب إلى المعرفة والعلم. والله أعلم.