فبين رحمه الله تعالى أن الحكمة في تقبيل الحجر واستلامه: أن الله كما جعل للناس بيتاً يطوفون به، جعل لهم ما يستلمونه، ليكون ذلك بمنزلة تقبيل يد العظماء، فإن ذلك تقريب للمقبّل، وتكريم له، كما جرت العادة. والله ورسوله لا يتكلمون بما فيه ضلال الناس، بل لا بد من أن يبين لهم ما يتقون، فقد بيَّن في الحديث ما يتقى من التمثيل.
ولو كان في استلام الحجر وتقبيله مظاهرة الوثنيين لم يشرع الله ورسوله ما يوهم الناس ويوقعهم في مظاهرة الوثنية، بل قد بين لهم ما يتقون، وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ـ "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك"1.
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبّله واستلمه، وعمل بذلك الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم إلى يومنا هذا، كان الواجب على المسلم أن يؤمن بما شرعه الله ورسوله، ويعمل به سواء عرف الحكمة في ذلك أو لم يعرفها.
ومن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحرص الناس على هداية الخلق، وتحذيرهم وإبعادهم عمَّا يوقعهم في الشرك ومظاهرة الوثنيين حتى في الألفاظ، وكذلك الصحابة بعده رضي الله عنهم، فلو كان في استلام الحجر وتقبيله ما يوقع أو يقارب مظاهرة الوثنيين لنهى عن ذلك، ولبين للناس ما يتقون، فكان هذا