وإذا كان لا سبيل إلى معرفة هذا في الخلق، بل يكفي فيه العلة العامة، والحكمة الشاملة، فهكذا في الأمر يعلم أن جميع ما أمر به متضمن لحكمة بالغة، وأما تفاصيل أسرار المأمورات والمنهيات فلا سبيل إلى علم البشر به، ولكن يطلع الله من شاء من خلقه على ما شاء منه، فاعتصم بهذا الأصل، انتهى.
فتبين من كلام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى أنه لا يجب على الإنسان أن يعلم الحكمة في جميع ما شرع الله ورسوله، فإن ذلك ليس في قوى البشر، ولا في وسعهم وطاقتهم، وإنما يجب هذا على الأعيان الذين أَهَّلَهُم الله لمعرفة ما أنزله الله، وأطلعهم عليه.
وأما من كان عاجزا عن ذلك، وليس في طاقته ووسعه معرفة ذلك والاطلاع عليه، فالواجب عليه أن يؤمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيماناً عاماً مجملاً، وأن يعمل بما أمر الله به ورسوله، سواء عرف الحكمة في ذلك أو لم يعرفها.
إذا تبين هذا، فاعلم أن الحكمة ـ والله أعلم ـ في اجتماع الناس على تقبيل الحجر الأسود هو ما ثبت عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حيث قال: ـ "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه أو استلمه فكأنما صافح الله".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونوَّر ضريحه في الجواب على هذا الحديث: ـ
أما الحديث الأول فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت، والمشهور إنما هو عن ابن عباس قال: "الحجر الأسود يمين الله في