ليلاً، فولّيا، قال: "على رسلكما، إنها صفية بنت حُيَيٍّ" (?) ثم قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فخفت أن يقذف في قلوبكما شيئاً".
وقد نبّه عبد الكريم زيدان (?) إلى قيد جيد في هذه المسألة، وهو أن الفعل الذي يترك حذراً من الشبهة، ينبغي أن لا يكون من صميم الدعوة، فإن كان من صميم الدعوة فينبغي فعله، ولوكان فيه تنفير. فما ظُنَّ أن حكمه التحريم وليس بمحرم، فإنه يفعل لبيان الجواز، وإن قال الناس ما قالوا. فهذا من بيان الحق، كما تزوّج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب مطلقة زيد الذي كان يدعى ابنه قبل أن ينزل القرآن بإبطال التبني. فكان زواجه بها بياناً (?)، لم يمتنع من فعله خوف قالة الناس.
الأمر الثاني: الحرص على خفة الفعل المظهر، فلا يكون فيه مشقة وعسر، لئلا يأخذ الاتباع أنفسهم بالشدة كما يأخذ بها نفسه.
وقد أثنى الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يشقّ عليه ما يشقّ على الأمة، بقوله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنِتُّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} (?) وتقول عائشة رضي الله عنها: "إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيَدَعُ العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيشق عليهم" (?).
وتقول رضي الله عنها في الركعتين اللتين بعد العصر: "والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله، وما لقي الله حتى ثقل عن الصلاة. وكان يصلّي كثيراً من صلاته قاعداً. وكان يصلّيهما، ولا يصلّيهما في المسجد، مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحبّ ما خفّف عنهم" (?).
وتروي رضي الله عنها الحادثة التالية، قالت: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من