مختصاً بذلك الفعل بعينه فالفعل ناسخ، وإن كان شاملاً لهذا الفعل وغيره فالقول مخصص له. وهذا التفصيل يجيء مثله في صور كثيرة مما تقدم.
وقد ذكرنا عن القرافي أنه لا يشترط قيام دليل خاص على التأسّي بهذا الفعل بل يكتفي بالأدلة العامة التي تشمل هذا الفعل وغيره، فقال: إذا عمهما القول، وكان الفعل الواقع بعده يعمهما أيضاً، كان ناسخاً للقول، أما في حقه - صلى الله عليه وسلم - فلأنه المباشر له (ولا يباشر) شيئاً إلا يجوز له الإقدام عليه، وأما هم فلوجوب تأسيهم به، واندراجهم في كل ما شرع له - صلى الله عليه وسلم - إلا ما دل الدليل عليه. فيتناقض القول والفعل، فينسخ المتأخر المتقدم.
57 - الثانية عشرة: أن يكون القول عاماً أيضاً، ويتقدم، ثم يقع الفعل متراخياً بعد التمكن.
فهو ناسخ لمقتضى القول على ما صرح به الآمدي وغيره. ويجيء فيه التفصيل المتقدم بين أن يكون العموم بطريق الظهور أو بطريق النصوصية. والتفصيل الآخر الذي ذكرناه عن بعض المتأخرين وهو الفرق بين أن يكون القول اقتضى التكرار أو لا. وقد صرح به هنا في هذا القسم فقال: وإن لم يقتضِ القول التكرار فلا معارضة في حقه ولا في حق الأمة. وإن اقتضى التكرار يكون الفعل ناسخاً للتكرار. وهذا تفصيل متجه.
58، 59 - الثالثة عشرة، والرابعة عشرة: أن يتقدم هذا الفعل ويجيء القول بعده عاماً له وللأمة، إما متعقباً، أو متراخياً.
فلا معارضة في حقه - صلى الله عليه وسلم -، لعدم وجوب تكرار الفعل في حقه. وأما في حق الأمة ففي صورة التعقب: القول ناسخ للدليل على وجوب التأسّي بالفعل، على الراجح من جواز النسخ قبل التمكن. وفي صورة التراخي إن كان القول قبل تأسيهم به فهو ناسخ للتأسي. وإن كان بعده، فإن دل الدليل على وجوب تكرار الفعل في حقهم، فالقول ناسخ للتكرار. وإلا فلا معارضة أيضاً في حقهم والعمل حينئذٍ بمقتضى القول، لأن الفعل قد عمل به تأسياً، فحصل الامتثال. ولا دليل على تكرره في حقهم.