تعالى قد نهى عن السؤال عن الأمور التي عفا عنها، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها} (?) ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كثرة السؤال.
ومن هذا النوع من السكوت سكوته - صلى الله عليه وسلم - عن الأقرع بن حابس، فقد تلا عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت ... } الآية، فقام الأقرع فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، حتى سأله ثلاثاً. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم".
10 - ويكون السكوت أحياناً جواباً. فمن استأذن في فعل شيء، فسكت عن الإذن له، دلّ على عدم الإذن. ومن ذلك ما روى أبو هريرة، قال: "قلت يا رسول الله إني رجل شابّ، وأنا أخاف على نفسي العَنَت، ولا أجد ما أتزوج به النساء" (?). زاد في رواية (?) فأذْن لي أن أختصي- فسكت عني. ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني. ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني. ثم قلت مثل ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هريرة، جفّ القلم بما أنت لاقٍ، فاختصِ على ذلك أو ذرْ".
قال ابن حجر: فيه (من الزوائد) جواز السكوت عن الجواب لمن يُظَنّ أنه يفهم المراد من مجرد السكوت.
إذا ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الحكم في حادثة، فهل لنا أن نحكم في نظيرها؟. نقل الزركشي (?) عن بعض المتكلمين أن تركه - صلى الله عليه وسلم - يوجب علينا ترك الحكم في نظيرها. وقالوا: هذا كرجل شجّ رجلاً شجة، فلم يحكم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحكم، فيعلم بتركه لذلك أن لا حكم لهذه الشجّة في الشريعة.