وما قاله الخطابي مردود أيضاً، فليس من الخيانة أن يضمر الإنسان في قلبه غير ما يظهره للناس إن كان ما يضمره مباحاً. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعمل التورية، وقال: "الحرب خدعة" (?). ولما سئل: ممن أنتم؟ قال: "نحن من ماء" (?)، عَنَى به غير ما فهمه السامع.
فهذا الحديث ضعيف سنداً، منكر متناً.
وأما الآية {يعلم خائنة الأعين} فهي العين التي تعتدي سرّاً على ما حرّم الله عليها، وهي تظهر البراءة، كما يُعْلَم من كلام المفسرين، وليس منها ما ورد في الحديث الآنف الذّكر. والله أعلم.
ثم استدركنا فوجدنا الحديث صحيحاً بلفظ: "ما كان لنبي أن يومض" رواه أبو داود. ووجدنا في شرح المنتهى للفتوحي الحنبلي (2/ 92) ما يلي: "منع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرمز بالعين والإشارة بالحاجب، للحديث. وهي الإيماء بالعين إلى مباح من نحو ضرب أو قتال على خلاف ما هو الظاهر سمي بذلك لشبهه بالخيانة لإخفائه. ولا يحرم ذلك على غيره". اهـ. فالمسألة بحاجة إلى مزيد تحرير.