المثال الأول: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الرسائل، بأن يقول المرسل (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله) لم يكن يقولها - صلى الله عليه وسلم - في رسائله، ويكون ذلك من باب التروك.
المثال الثاني: الحمدلة أو البسملة، في أول الرسائل والوثائق. فقد افتتح البخاريّ كتابه بالبسملة دون حمدلة. وذكر ابن حجر اعتراض من اعترض على ذلك بكونه خلاف ما في حديث أبي داود مرفوعاً: "كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع". وأجاب عن ذلك بأجوبة، منها: وقوع كتب رسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك، وكتبه في القضايا، مفتَتَحة بالتسمية دون حمدلة، كما في حديث أبي سفيان في قصة هرقل، وفي حديث البراء في قصة سهيل بن عمرو في الحديبية.
المثال الثالث: عباراتٌ مقصود بها أن تكون على وضع خاص، ككتابته - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل وغيره (سلام على من اتّبع الهدى)، فهي دليل على ترك إلقاء السلام على الكافر، واستبداله بهذه العبارة.
المثال الرابع: كان - صلى الله عليه وسلم - يكتب إلى بعض ملوك الكفر بآية من القرآن. فيستدل بذلك على لمس الكافر ما فيه قرآن من كتب التفسير والفقه (?) والمجلات الإسلامية والرسائل ونحوها.
المثال الخامس: بداءته - صلى الله عليه وسلم - باسمه، فيقول: "من محمد رسول الله إلى فلان" وقد اختلف في وجه ذلك:
فقيل: السنة لكل كاتب أن يبدأ باسمه.
وقيل: إنه بدأ به لأنه أفضل من غيره، فيدل على أن الأفضل يقدّم اسمه في رسالته إلى المفضول.
قال ابن حجر عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم"، قال: "فيه أن السنة أن يبدأ الكاتب بنفسه، وهو قول الجمهور، بل حكى النحاس فيه إجماع الصحابة. والحق إثبات الخلاف" (?). اهـ.