الكتابة: تدوينٌ مرئيٌّ للّغة. وهي واسطة لنقل الأفكار والمشاعر، تتميّز عن الكلام والإشارة بأنها باقية، والكلام والإشارة يزولان في الحال.
وقد عرّف ابن حزم الكتابة، بأنها: "إشارات تَقَع باتفاق، عمدتها تخطيط ما استقر في النفس من البيان، بخطوطٍ متباينة، ذات لون يخالف لون ما يُخَطّ فيه، متفق عليها بالصوت، فتبلغ به نفس المخطّط ما قد استبانته، فتوصله إلى العين التي هي آلة لذلك" (?)، حتى يحصل بها الإدراك لدى المبلّغ.
وابن حزم يشير بكلامه هذا إلى أن الكتابة تدلّ بالمواضعة. والتواضع فيها أن تدلَّ الرموز المكتوبة على الأصوات، وقد تعورف في الأصوات دلالتها عند أهل اللغة على المعاني (?).
وتُدْرك الأصوات بحاسّة السمع، أما الكتابة فتدرك بحاسّة البصر.
ويتميّز القول عن الكتابة بأنه يمكن أن يصاحبه من الجهارة وملامح الصوت والكيفيّات الصوتية ما يقوى به التعبير، فيؤدِّي ذلك من المعاني ما لم يُنْطَق به، حتى يدل على الغضب والرضا والحزن والسرور والقناعة والضجر وغير ذلك. وقد تصحبه ملامح وقرائن في الشخص المتكمل، من الانبساط والعنْف والإشارات. وذلك يجعل القول حيّاً نابضاً، ويلقي على المعنى ظلالاً يصعب تصويرها كتابة. ولا تزال كثير من الملامح الصوتية في العربية وغيرها ممتنعةً على العلماء أن يتمكّنوا من تصويرها بالإشارات الكتابية.