وقيل من مجموع كان والفعل المضارع. وهو ظاهر كلام المحلي (?). ونقله صاحب تيسير التحرير.

وقيل من الفعل المضارع وحده. وهذا عندي هو الصحيح من هذه الأقوال، وما عداه وهم من هؤلاء الأعلام رحمة الله عليهم، وجلّ من لا يستدرك عليه قول. فإن المضارع وحده يدل على التكرار والعادة المستمرة، كقولهم فلان يقري الضيف، وينفق ماله في أبواب الخير. وقد يدلّ على المرة الواحدة لكن بشرط استمراره برهة قبل زمن التكلم حتى وقت التكلم. فإذا جاءت (كان) قبل المضارع نقلت معنى التكرار من الحاضر إلى الماضي، ولم تزد على ذلك، فمن أين جاءت بالتكرار؟ (?).

وأيضاً: لو أنها دلّت على التكرار مع المضارع لدلّت عليه مع الفعل الماضي، لكنها لم تدلّ عليه، كما في قوله تعالى: {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار} لا يعني أنهم عاهدوه أكثر من مرة.

هذا وإن فائدة معرفة دلالتها على التكرار في أحكام الأفعال النبوية أمر مهم، نظراً إلى أن الفعل المجرّد إذا تكرر على صفة واحدة، وكان ذا صلة بالعبادة، فإنه يقرّب أن الفعل المجرّد على وجه الشرع، فيصلح دليلاً على الاستحباب أو على تأكد الاستحباب. وقد تقدمت الإشارة إليه في مواضع من هذا الباب.

وقد ذكر ابن دقيق العيد أنه يجوز أن تستعمل (كان يفعل) لإفادة مجرّد وقوع الفعل، وذلك صادق بالمرة الواحدة، فلا يدل على التكرار. ولكنه يقول: الأول - وهو إفادة التكرار- أكثر في الاستعمال (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015