هذا نص التوراة عندهم، قال: "وتكون لى هذه السورة شاهدة على بنى إسرائيل".
وفيها: قال الله تعالى: "إن هذه السورة لا تنسى من أفواه أولادهم".
يعنى أن هذه السورة مشتملة على ذم طبائعهم، وأنهم سيخالفون شرائع التوراة، وأن السخط يأتيهم بعد ذلك، وتخرب ديارهم، ويسبون فى البلاد. فهذه السورة تكون متداولة فى أفواههم. كالشاهد عليهم. الموقف لهم على صحة ما قيل لهم.
فما نصت التوراة أن هذه السورة لا تنسى من أفواه أولادهم، دل ذلك على أن غيرها من السور ليس كذلك، وأنه يجوز أن ينسى من أفواههم.
وهذا يدل على أن موسى عليه السلام لم يعط بنى إسرائيل من التوراة إلا هذه السورة فأما بقيتها فدفعها إلى أولاد هارون، وجعلها فيهم، وصانها عمن سواهم.
وهؤلاء الأئمة الهارونيون - الذين كانوا يعرفون التوراة، ويحفظون أكثرها - قتلهم بختنصر على دم واحد، يوم فتح بيت المقدس، ولم يكن حفظ التوراة فرضا عليهم ولا سنة. بل كان كل واحد من الهارونيين يحفظ فصلا من التوراة.
فلما رأى عزرا أن القوم قد أحرق هيكلهم، وزالت دولتهم، وتفرق جمعهم، ورفع كتابهم جمع من محفوظاته، ومن الفصول التى يحفظها الكهنة ما اجتمعت منه هذه التوراة التى بأيديهم ولذلك بالغوا فى تعظيم عزرا هذا غاية المبالغة.
فزعموا أن النور الآن يظهر على قبره، وهو عند بطائح العراق. لأنه جمع لهم ما يحفظ دينهم.