وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} [البقرة: 165] .
فهؤلاء جعلوا المخلوق مثلا للخالق. فالند: الشبه. يقال فلان نِد فلان، ونَدِيدُه أى مثله وشبهه، ومنه قول حسان بن ثابت:
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ؟ ... فَشَرُّ كُمَا لِخَيْرِ كُمَا الْفِداءُ
ومنه قول النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - لمن قال له ما شاء الله وشئت: "أَجَعَلْتَنِى للهِ نِدَّا" وقال جرير:
أَتَيماً تَجْعَلُونَ إِلَى نِدا؟ ... وَمَا تَيْمٌ لِذِى حسَبٍ نَدِيدُ
قال ابن مسعود، وابن عباس: "لا تجعلوا لله أكفاء من الرجال، تطيعونهم فى معصية الله".
وقال ابن زيد: "الأنداد الآلهة التى جعلوها معه".
وقال الزجاج: "أى لا تجعلوا لله أمثالا".
فالذى أنكره الله سبحانه عليهم: هو تشبيه المخلوق به، حتى جعلوه ندا لله تعالى، يعبدونه كما يعبدون الله، وكذلك قوله فى الآية الأخرى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} [البقرة: 165] فأنكر هذا التشبيه عليهم، وهو أصل عبادة الأصنام.
ونظيرُ هذا قولهُ سبحانه: {الْحَمْدُ للهِ الّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلْونَ} [الأنعام: 1] .
أى يعدلون به غيره، فيجعلون له من خلقه عَدلا وشبها.