وكان أول ما كاد به عباد الأصنام من جهة العكوف على القبور، وتصاوير أهلها ليتذكروهم بها، كما قص الله سبحانه قصصهم فى كتابه، فقال:
{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ، وَلا تَذَرُنَّ وَداً، وَلا سُوَاعاً، وَلا يَغُوثَ، وَيَعُوقَ، وَنَسْراً} [نوح: 13] .
قال البخارى فى صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنهما "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت".
وقال ابن جرير عن محمد بن قيس قال: "كانوا قوما صالحين من بنى آدم، كان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم، الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة، إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم".
وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبى: أخبرنى أبى قال: "أول ما عبدت الأصنام أن آدم عليه السلام لما مات جعله بنو شيث بن آدم فى مغارة فى الجبل الذى أهبط عليه أدم بأرض الهند، ويقال للجبل: نوذ، وهو أخصب جبل فى الأرض".
قال هشام: فأخبرنى أبى عن أبى صالح عن ابن عباس قال: "فكان بنو شيث عليه السلام يأتون جسد آدم فى المغارة، فيعظمونه، ويترحمون عليه، فقال رجل من بنى قابيل بن آدم: يا بنى قابيل، إن لبنى شيث دوارا يدورون حوله ويعظمونه، وليس لكم شيء فنحت لهم صنماً، فكان أول من عملها".
قال هشام: وأخبرنى أبى قال: "كان ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر: قوما صالحين، فماتوا فى شهر، فجزع عليهم ذوو أقاربهم، فقال رجل من بنى قابيل: يا قوم، هل لكم أن أعمل لكم خمسة أصنام على صورهم؟ غير أنى لا أقدر أن أجعل فيها أرواحاً، قالوا: