فصل
ومما ينبغى أن يعلم: أنه قد يقترن بالأيسر إثما ما يجعله أعظم إثما مما هو فوقه.
مثاله: أنه قد يقترن بالفاحشة من العشق الذى يوجب اشتغال القلب بالمعشوق، وتأليهه له وتعظيمه، والخضوع له، والذل له، وتقديم طاعته وما يأمر به، على طاعة الله تعالى ورسوله وأمره، فيقترن بمحبة خدنه وتعظيمه، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، ومحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، ما قد يكون أعظم ضررا على صاحبه من مجرد ركوب الفاحشة.
فإن المحبوبات لغير الله قد أثبت الشارع فيها اسم التعبد. كقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى الحديث الصحيح:
"تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفةِ، تَعِسَ عَبْد الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتُكِسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتُقِشَ، إِنْ أُعْطِى رَضِى، وَإِنْ مُنعَ سَخِطَ" رواه البخارى.
فسمى هؤلاء الذين إن أعطوا رضوا، وإن منعوا سخطوا عبيدا لهذه الأشياء، لانتهاء محبتهم ورضاهم ورغبتهم إليها.
فإذا شغف الإنسان بمحبة صورة لغير الله، بحيث يرضيه وصوله إليها وظفره بها، ويسخطه فوات ذلك كان فيه من التعبد لها بقدر ذلك.