يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [يوسف:25] .
فكادته بالمراودة أولا، وكادته بالكذب عليه ثانيا، ولهذا قال لها الشاهد لما تبين له براءة يوسف عليه السلام: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: 28] .
وخامسها، كيدها له حيث جمعت له النسوة، وأخرجته عليهن، تستعين بهن عليه، وتستعذر إليهن من شغفها به.
وسادسها: كيد النسوة له، حتى استجار بالله تعالى من كيدهن فقال: {وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ إلَيْهِنَّ أصب وأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِين فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [يوسف: 33- 34] .
ولهذا لما جاء الرسول بالخروج من السجن قال له: {اُرْجعْ إِلَى ربك فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف: 50] .
فإن قيل: فما كان مكر النسوة اللاتى مكرن به، وسمعت به امرأة العزيز، فإن الله سبحانه لم يقصه فى كتابه؟.
قيل: بلى، قد أشار إليه بقوله: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى المَدينَةِ اُمْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبا إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [يوسف: 30] .
وهذا الكلام متضمن لوجوه من المكر:
أحدها: قولهن: {اُمْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِد فَتَاهَا} [يوسف: 30] .
ولم يسموها باسمها، بل ذكروها بالوصف الذى ينادى عليها بقبيح فعلها، بكونها ذات بَعْل. فصدور الفاحشة منها أقبح من صدورها ممن لا زوج لها.
الثانى، أن زوجها عزيز مصر ورئيسها وكبيرها، وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها.
الثالث: أن الذى تراوده مملوك لا حُر، وذلك أبلغ فى القبح.