وبأن الحكم بعد انعقاد سببه كالثابت الذى قد صح ووجد.
وبأن الوجوب قد تحقق بانعقاد سببه وإنما جوز له التأخير إلى تمام الحول توسعة عليه ولهذا يجوز له أداء الواجب قبل الحول، ويكون واقعاً موقعه، ولأن الفرار من الإيجاب إنما يقصد به الفرار من أداء الواجب، وأن يسقط ما فرضه الله عليه عند مضى الحول. وليس هذا كمن ترك اكتساب المال الذى يجب فيه الزكاة، فرارا من وجوبها عليه، أو ترك بيع الشْقص فراراً من أخذ الشفيع له أوترك التزوج فرار أمن وجوب الإنفاق ونحو ذلك، فإن هذا لم ينعقد فى حقه السبب. بل ترك ما يفضى إلى الإيجاب، ولم يتسبب إليه، وهذا تحيل بعد السبب على إسقاط ما تعلق به من أداء الواجب. واحتال على قطع سببيته بعد ثبوتها.
وأيضاً، فإن قطع سببية السبب تغيير لحكم الله، وإسقاط للسببيه بالتحيل، وليس ذلك للمكلف، فإن الله سبحانه هو الذى جعل هذا سببا بحكمه وحكمته، فليس له أن يبطل هذا الجعل بالحيلة والمخادعة، وهذا بخلاف ما إذا وهبه ظاهراً وباطنا، أو أنفقه فإنه لم يحتل بإظهار أمر وإبطان خلافه على منع الإيجاب، وأداء الواجب.
وأيضاً، فإنه إذا احتال على منع الإيجاب تضمن ذلك الحيلة على منع أداء الواجب. ومعلوم أن منعه أداء الواجب فقط أيسر من تحيله على الأمرين جميعاً.
وأيضاً فإنه لا يصح فراره من الوجوب مع إتيانه بسببه، فإن الفارّ من الشيء فار من أسبابه، وهذا أحرص شئ على الملك الذى هو سبب وجوب الحق عليه، ومن حرصه عليه: تحيلَ على ترك الإخراج حرصاً وشحاً. فهو فار من أداء الواجب، ظاناً أنه يفر من وجوبه عليه. والأول حاصل له دون الثانى.
ونكتة الفرق من جهة الوسيلة والمقصود، فإن المحتال على المحرمات، وإسقاط الواجبات، مقصوده فاسد، ووسيلته باطلة. فإنه توسل بالشيء إلى غير مقصوده، وتوسل به إلى مقصود محرم.
فإن الله سبحانه إنما جعل النكاح وسيلة إلى المودة والرحمة، والمصاهرة والنسل، وغض