يرضيها من الآن، ويدفع إليها ما ترضى به كان أقوى. ثم يأخذ خط الشاهدين بذلك، ويكتمه منها. فإن أعجله الأمر عن ذلك، وأمكنه المبادرة برفعها إلى حاكم مالكى، أو حنفى بادر إلى ذلك. وبالجملة فالحازم من يستعد لحيلهن، ويعد لها حيلا يتخلص بها منها، وهذا لا بأس به، ولا إثم فيه، ولا فى تعليمه، فإن فيه تخليص المظلوم، وإغاثة الملهوف، وإخزاء الظالم المعتدى. والله الموفق للصواب.

وإنما أطلنا الكلام فى هذا المثال، لشدة حاجة الناس إلى ذلك، ولعموم البلوى، وكثرة الفجور، وانتشار الضرر بتمكين المرأة من هذه الدعوى وسماعها، وجعل القول قولها، وفى ذلك كفاية، وإلا فهى تحتمل أكثر من ذلك.

فصل

والمقصود بهذه الأمثلة وأضعافها، مما لم نذكره: أن الله سبحانه أغنانا بما شرعه لنا من الحنيفية السمحة، وما يسره من الدين على لسان رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وسهله للأمة عن الدخول فى الآصار والأغلال، وعن ارتكاب طرق المكر والخداع، والاحتيال، كما أغنانا عن كل باطل ومحرم وضار، بما هو أنفع لنا منه من الحق، والمباح النافع.

فأغنانا بأعياد الإسلام عن أعياد الكفار والمشركين من أهل الكتاب والمجوس والصابئين وعبدة الأصنام. وأغنانا بوجوه التجارات والمكاسب الحلال عن الربا والميسر والقمار. وأغنانا بنكاح ما طاب لنا من النساء مثنى وثلاث ورباع، والتسرَّى بما شئنا من الإماء، عن الزنا والفواحش. وأغنانا بأنواع الأشربة اللذيذة، النافعة للقلب والبدن، عن الأشربة الخبيثة المسكرة المذهبة للعقل والدين. وأغنانا بأنواع الملابس الفاخرة: من الكتان، والقطن، والصوف، عن الملابس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015