فإن أراد أن يصحح ذلك على كل قول، ويأمن رفعه إلى من يرى بطلان ذلك.
فالحيلة فيه: أن يقول: ضمنت لك ما يتقرر لك على فلان، أو يعجز عن أدائه، فيصح ذلك، ولا يتمكن من مطالبته إلا إذا تقرر المال على الأصيل، أو عجز عنه.
المثال الثامن والستون: إذا بذت عليه امرأته، فقال: الطلاق يلزمنى منك لا تقولين لى شيئاً إلا قلت لك مثله، فقالت: أنت طالق ثلاثاً، فقال بعضهم: يقول لها: أنت طالق ثلاثاً بفتح التاء، ولا تطلق، لأن الخطاب لا يصلح لها، وهذا ضعيف جداً، لأن قوله: أنت طالق إما أن يعنيها به، أو يعنى غيرها، فإن لم يعنها لم يكن قد قال لها مثل ما قالت بل يكون القول لغيرها فلا يبر به وإن عناها به طلقت للمواجهة وفتح لتاء لا يمنع صحة الخطاب، والمعنى: أنت أيها الشخص، أو الإنسان.
ثم ما يقول هذا القائل: إذا قالت له: فعل الله بك كذا، فقال لها: فعل الله بك وفتح الكاف، هل يكون باراً فى يمينه بذلك؟ فإن قال: لا يبر لزمه مثله فى الطلاق وإن قال: يبر، كان قائلا لها مثل ذلك فيكون مطلقاً لها. وأجود من هذا، أن يكون قوله على التراخى، ما لم يقيده بالفور، بلفظه أو نيته.
وقالت طائفة: يقول لها: أنت طالق ثلاثاً، إن لم أفعل كذا وكذا، أو إن فعلت لما لا تقدر هى عليه، فيكون قد قال لها مثل ما قالت، وزاد عليه، وفى هذا ضعف لا يخفى، لأن هذه الزيادة تنقص الكلام، فهى زيادة فى اللفظ ونقصان فى المعنى، فإنه إذا علق الطلاق بشرط خرج من التنجيز إلى التعليق، وصار كله كلاماً واحدا، وهى لم تعلق كلامها، وإنما نجزته. فالمماثلة تقتضى تنجيزا مثله.
وأجود من هذا كله أن يقال: لا يدخل هذا الكلام الذى صدر منها فى يمينه، لأنه لم يرده قطعاً، ولا خطر بباله، فيمينه لم يتناوله، فهو غير محلوف عليه بلا شك، واللفظ العام يختص بالنية والعرف، والعرف فى مثل هذا لا يدخل فيه قولها له ذلك، والأيمان يرجع فيها إلى العرف والنية والسبب، وهذا مطرد ظاهر على أصول مالك وأحمد، فى اعتبارهم