وأن يقدم على غيره من الموقوف عليهم بغَلَّته، أو بالإنفاق عليه، فيصح حينئذ، ولا يبقى للاعتراض عليه سبيل.
المثال الرابع والستون: إذا اشترى جارية وقبضها، فوجد بها عيبا ولم يكن نقد ثمنها، فأراد ردها. فصالحه البائع على أن يأخذ البائع الجارية بأقل من الثمن الذى اشتراها به. فقال القاضى: لا يجوز ذلك، لأن هذا الصلح فى معنى البيع، وبيع المبيع من بائعه بأقل من ثمنه لا يجوز، لأنه ذريعة إلى الربا، وهو كمسألة العينة، فإن كان قد حدث بالجارية عيب عند المشترى جاز ذلك، لأن مقدار الحط يكون بإزاء العيب الذى حدث عند المشترى، فلا يؤدى إلى مسألة العينة.
والحيلة فى جواز ذلك، فى الصورة الأولى على وجه لا يشبه العينة: أن يخرج الجارية من ملكه، فيبيعها لرجل بالثمن الذى يأخذها به البائع، فيصالح الذى فى يده الجارية البائع على أن يقبلها بدون الثمن الذى وقع عليه العقد، ويجعل هذا الثمن الذى يأخذ به الجارية قضاء عن مشترى الجارية، لأن المشترى الثانى متى صالح البائع على أن يقبل الجارية بدون الثمن الذى اشتريت به، فهو عقد جرى بينهما مبتدأ، من غير بناء أحد العقدين على الآخر، فإذا اشتراها البائع من هذا الثانى حصل ثمنها فى ذمته له، وله هو على المشترى الأول ثمنها، فإذا طالبه البائع بالثمن أحاله على المشترى الأول، فيتقاصان.
المثال الخامس والستون: الضمان لا تبرأ ذمة المضمون عنه بمجرده، حيا كان المضمون عنه أو ميتا.
وفيه رواية أخرى: أنه يبرئ ذمة الميت دون الحى، وهى مذهب أبى حنيفة.
وفيه قول ثالث: أنه يبرئ ذمة الحى والميت، كالحوالة، وهو مذهب داود.
فإذا أراد الضامن أن يكون مراجعه مبرئاً لذمة المضمون عنه،
فالحيلة فى ذلك: أن يقول: لا أضمن دينه إلا بشرط أن تبرئه منه، فمتى أبرأته منه فأنا ضامن له، ويصح تعليق الضمان بالشرط فى أقوى الوجهين، فإذا أبرأه صحت البراءة، ولزم الدين الضامن وحده. فإن خاف رب الدين أن يرفعه إلى حاكم لا يرى صحة الضمان المعلق فيبطل دينه من ذمة الأصيل بالإبراء، ولا يثبت له فى ذمة الضامن.