ما قبضه منه، ويبرئه هو من نصيبه، لأنه إذا أبرأه من نصيبه لم يبق من الدين إلا نصيب صاحبه، فإذا قبضه كان مضمونا عليه، لأنه قبض دين الغير بغير أمره.
المثال الثامن والخمسون: إذا كان عبد بين شريكين موسرين، فأراد كل منهما عتق نصيبه، وأن لا يغرم لشريكه شيئاً.
فالحيلة: أن يوكلا رجلاً فيعتقه عنهما، ويكون ولاؤه بينهما.
المثال التاسع والخمسون: إذا سأله عبده أن يزوجه أمته فحلف أن لا يفعل، ثم بداله فى تزويجه.
فالحيلة: أن يبيع العبد والأمة لمن يثق به، ثم يزوجه المشترى، فإذا تم العقد أقاله فى البيع.
ولا بأس هذه الحيلة، فإنها لا تتضمن إبطال حق، ولا تحليل محرم. وذلك غير ممتنع على أصلنا، لأن الصفة، وهى عقد النكاح قد وجدت فى حال زوال ملكه. فلا يتعلق بها حنث، ولا يحنث أيضاً باستدامة التزويج بعد ملكهما. لأن التزويج عبارة عن العقد، وقد انقضى، وإنما بقى حكمه. ولهذا لو حلف لا يتزوج فاستدام التزويج. لم يحنث، وهذا بخلاف ما إذا حلف على عبده أنه لا يدخل الدار، فباعه. ودخلها ثم ملكه. فإن دخلها حنث، لأنه ابتدأ الدخول واليمين باقية، ولو دخلها فى حال زوال ملكه وهو داخل فيها حنث، لأن الدخول الأول عبارة عن الكون وذلك موجود بعد الملك الثانى فيحنث به، كما لو كان موجودا فى الملك الأول.
وقد قال أحمد فى رواية مهنا، فى رجل قال لامرأته: أنت طالق إن رهنت كذا وكذا. فإذا هى قد رهنته قبل يمينه، فقال: أخاف أن يكون حنث.
قال القاضى: وهذا محمول على أنه قال إن كنت رهنته. وهذا تأويل منه لكلام أحمد: فظاهر كلامه أنه جعل استدامة الرهن بمنزلة ابتدائه، كالدخول.
المثال الستون: إذا كان له عليه مال، فمرض المستحق وأراد أن يبرئه منه، وهو يخرج من ثلثه. فخاف أن تكتم الورثة ماله، ويقولوا: لم يدع إلا الدين الذى على هذا.