المثال الثالث والخمسون: يصح ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب عندنا، كما يصح ضمان الدرك، فإذا قال: ما أعطيت لفلان فأنا ضامن له، صح ولزمه. وقال الشافعى: لا يصح.

فالحلية فى صحته، لئلا يبطل ذلك حاكم يرى بطلانه: أن يقول: ما أعطيت لفلان من درهم إلى ألف، فأنا ضامن له. فإن ضمنه اثنان وأطلقا جاز، واستويا فى الغرم. فإن ضمناه على أن على أحدهما الثلث، وعلى الآخر الثلثين، جاز ذلك لأن المال إنما يجب على كل منها بالتزامه، فإذا التزماه على هذا الوجه صح. فان أراد أحد الضامنين أن يضمن الآخر ما لزمه من هذا الضمان، فيصير ضامناً، جاز ذلك أيضاً، لأن المال قد ثبت فى ذمة كل واحد منهما، فإذا ضمنه أحدهما جاز كما يجوز فى الأصل.

المثال الرابع والخمسون: إذا اشترك رجلان شركة عنان، فسافر أحدهما بالمال بإذن شريكه، فخاف أن يموت المقيم، فيشترى بالمال بعد موته متاعاً، فيضمن، لأنه قد انتقل إلى الورثة، وبطلت الشركة.

فالحيلة فى تخلصه من ذلك: أن يشهد على شريكه المقيم أن حصته فى المال الذى بينه وبينه لولده الصغار، وقد أوصى إلى شريكه بالتصرف فيه، وأمره أن يشترى بها ما أحب فى حياته وبعد وفاته، فإن كان ولده كباراً أشهد على نفسه أن هذا المال لهم ثم يأمر ولده الكبار هذا الشريك أن يعمل لهم فى مالهم هذا بما يرى، ويشترى لهم ما أحب.

المثال الخامس والخمسون: إذا كان لرجلين على امرأة ألف درهم مثلا، فتزوجها أحدهما على نصيبه فى المال عليها صح النكاح، وبرئت ذمة المرأة من ذلك المقدار، ولم يلزم الزوج أن يضمن لصاحبه شيئاً منه، لأنه لم يقبض شيئاً من نصيبه، ولم يحصل فى ضمانه، فجرى مجرى إبرائها له منه. وبعض الفقهاء يضمنه نصيب شريكه من المهر، ويجعله كالمقبوض، لأنه عاوض عليه بالبضع، فهو كما لو اشترى منها به سلعة، فإنها تكون بينهما، وهاهنا تعذرت مشاركته فى البضع، فيشاركه فى بدله وهو المهر، فكأنها وفته نصيبه من الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015