ذلك، وتوكلهم فى اقتضائه، ثم تصالحهم من الأعيان، على ما اتفقوا عليه، لأنهم إذا أقرضوها حصتها من الدين ثم وكلتهم بقبض حصتها من الدين، فإذا قبضوا حصتها من الدين فقد حصل فى أيديهم بمالها من جنس مالهم عليها فيتقاصان. ويكون عقد الصلح قد وقع على العروض والمتاع خاصة.
فإن لم تطب أنفسهم أن يقرضوها قدر حصتها من الدين، وأحبت تعجيل الصلح صالحتهم عن حقها من المتاع والعروض، دون الديون. وكلما قبض من الدين شئ أخذت حقهاً منه، فإن تعسر ذلك، وشق عليها، وأحبت الخلاص. حاسبوها فى الصلح من الأعيان بأكثر من حقها منها، وأقرت أن الدين حق للورثة دونها، من ثمن متاع باعه الميت لهم.
فإن أرادوا قسمة الدين فى الذمم. فالمشهور: أنه لا يصح لأن الذمم لا تتكافأ، وفيه رواية أخرى تجوز قسمته، وهى الصحيحة. فإن قد تكون مصلحة الورثة والغرماء فى ذلك، وتفاوت الذمم لا يمنع القسمة، فإن التفاوت فى المحل، والمقسوم واحد متماثل، وإن اختلفت محاله. وإذا كان الغرماء كلهم موسرين أو معسرين، أو بعضهم موسراً، وبعضهم معسراً، فأخذ كل من الورثة موسراً ومعسراً، كان هذا عدلاً غير ممتنع وقد تراضوا به فلا وجه لبطلانه، وبالله التوفيق.
المثال التاسع والأربعون: إذا كان لرجل على رجل دين، فقال: تصدق به عنى ففعل لم يبرأ، وكانت الصدقة عن المخرج ودينه باقياً، قاله أصحابنا لأنه لم يتعين، ولأنه لا يكون مبرئا لنفسه بفعله.
قالواً: وطريق الصحة أن يقول: تصدق عنى بكذا، بقدر دينه، ويكون ذلك إقراضاً منه. فإذا فعل ثبت له فى ذمته ذلك القدر، وعليه له مثله، فيتقاصان