المثال الثامن والعشرون: إذا خاف المضارب أن يضمنه المالك بسبب من الأسباب التى لا يملكها بعقد المضاربة، فخلط المال بغيره، أو استبراء به بأكثر من رأس المال، والاستدانة على مال المضاربة، أو دفعه إلى غيره مضاربة أو إبضاعاً، أو إيداعاً، أو السفر به. فطريق التخلص من ضمانه فى هذا كله: أن يشهد على رب المال أنه قال له: اعمل برأيك، أو ما تراه مصلحة.

المثال التاسع والعشرون: إذا كان لكل من الرجلين عروض، وأرادا أن يشتركا فيها شركة عنان، ففى ذلك روايتان:

إحداهما: تصح الشركة. وتقوم العروض عند العقد، ويكون قيمتها هو رأس المال. فيقسم الربح على حسبه، أو على ما شرطاه. وإذا أرادا الفسخ رجع كل منهما إلى قيمة عروضه، واقتسما الربح على ما شرطاه، وهذا القول هو الصحيح.

والرواية الثانية: لا تصح إلا على النقدين، لأنهما إذا تفاسخا الشركة، وأراد كل منهما الرجوع إلى رأس ماله، ويقتسما الربح، لم يعلم ما مقدار رأس مال كل منهما إلا بالتقويم، وقد تزيد قيمة العروض وتنقص قبل العمل، فلا يستقر رأس المال.

وأيضاً فمقتضى عقد الشركة: أن لا ينفرد أحد الشريكين بربح مال الآخر، وهذه الشركة تفضى إلى ذلك، لأنه قد تزيد قيمة عرض أحدهما، ولا تزيد قيمة عرض الآخر، فيشاركه من لم تزد قيمة عروضه. وهذا إنما يصح فى المقومات كالرقيق، والحيوان، ونحوهما. فأما المثليات، فإن ذلك منتف فيها، ولهذا كان الصحيح عند من منع الشركة بالعروض: جوازها بالمثليات. فالصحيح: الجواز فى الموضعين. لأن مبنى عقد الشركة على العدل من الجانبين، وكل من الشريكين متردد بين الربح والخسران، فهما فى هذا الجواز مستويان. فتجويز ربح أحدهما دون الآخر فى مقابلة عكسه، فقد استويا فى رجاء الغنم وخوف الغرم، وهذا هو العدل، كالمضاربة، فإنه يجوز أن يربحاً، وأن يخسراً، وكذلك المساقاة والمزارعة.

وطريق الحيلة فى تصحيح هذه المشاركة، عند من لا يجوزها بالعروض: أن يبيع كل منهما بعض عروضه ببعض عروض صاحبه، فإذا كان عَرضَ أحدهما يساوى خمسة آلاف،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015