أما الآثار: ففى سنن البيهقى عن المقداد بن الأسود قال: "أسلفت رجلاً مائة دينار، ثم خرج سهمى فى بعث بعثه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. فقلت له: عجل تسعين ديناراً، وأحط عشرة دنانير. فقال: نعم. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: فقال: أكلت ربا، مقداد، وأطعمته" وفى سنده ضعف.
وصح عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه: "قد سئل عن الرجل يكون له الدين على رجل إلى أجل، فيضع عنه صاحبه، ويعجل له الآخر. فكره ذلك ابن عمر، ونهى عنه".
وصح عن أبى المنهال أنه سأل ابن عمر رضى الله عنهما رضى الله عنهما. فقال: لرجل على دين، فقال لى: عجل لى لأضع عنك، قال: فنهانى عنه، وقال: نهى أمير المؤمنين - يعنى عمر- أن يبيع العين بالدين.
وقال أبو صالح مولى السفاح، واسمه عبيد: بعت برا من أهل السوق إلى أجل، ثم أردت الخروج إلى الكوفة، فعرضوا، على أن أضع عنهم، وينقدونى، فسألت عن ذلك زيد بن ثابت. فقال: لا آمرك أن تأكل هذا، ولا تؤكله. رواه مالك فى الموطأ.
وأما المعنى: فإنه إذا تعجل البعض وأسقط الباقى، فقد باع الأجل بالقدر الذى أسقطه وذلك عين الربا، كما لو باع الأجل بالقدر الذى يزيده، إذا حل عليه الدين، فقال: زدنى فى الدين وأزيدك فى المدة، فأى فرق بين أن تقول: حط من الأجل، وأحط من الدين، أو تقول: زد فى الأجل، وأزيد فى الدين؟
قال زيد بن أسلم: كان ربا الجاهلية: أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل، فإذا حل الحق قال له غريمه: أتقضى أم تربى؟ فإن قضاه أخذه، وإلا زاده فى حقه وأخر عنه فى الأجل. رواه مالك.
وهذا الربا مجمع على تحريمه، وبطلانه، وتحريمه معلوم من دين الإسلام، كما يعلم تحريم الزنى، واللواطة، والسرقة.
قالوا: فنقص الأجل فى مقابلة نقص العوض، كزيادته فى مقابلة زيادته، فكما أن هذا رباً، فكذلك الآخر.