وقال أبو صالح (?): الأعمال.
والكل حق، فإن الأسباب هي الوُصَل التي كانت بينهم في الدنيا، تَقَطّعَتْ بهم أحوجَ ما كانوا إليها.
وأما أسبابُ الموحِّدين المخلصين لله فاتّصلتْ بهم، ودامَ اتصالها بدوام معبودهم ومحبوبهم، فإن السبب تبعٌ لغايته في البقاء والانقطاع.
فصل
إذا تبيّن هذا، فأصلُ المحبّة المحمودة التي أمَر الله تعالى بها، وخَلَق خَلْقَه لأجلها: هي محَبّتُه وحدَه لا شريك له، المتضمنّةُ لعبادته دون عِبادةِ ما سواه. فإن العبادة تَتَضَمّن غاية الحُبّ بغاية الذّلّ، ولا يصلحُ ذلك إلا لله عز وجل وحده.
ولما كانت المحبة جنسًا تحته أنواعٌ مُتفاوتة في القَدْر والوصف، كان أغلبُ ما يُذكر فيها في حق الله تعالى: ما يختَصّ به ويليقُ به، كالعبادة والإنابةِ والإخْباتِ، ولهذا لا يُذكر فيها لفظ العشق، والغرام، والصَّبابة، والشَّغَف، والهوى، وقد يذكر لها لفظ المحبة، كقوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165].
ومدارُ كُتُب الله تعالى المنزّلة من أوّلها إلى آخرها: على الأمر بتلك