الحانث بوقوعه؛ فإنه لا يجدُ فقيهٌ شَمّ رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقًا بوجه من الوجوه.
وإنما لم يأخذ به أحمد؛ لأنه لم يصح عنده إلا من طريق سليمان التيّمي، واعتقد أنه تَفَرّد به، وقد تابعه عليه محمد بن عبد الله الأنصاري، وأشعثُ الحُمراني، ولهذا لمَّا ثبت عند أبي ثور قال به، وظن الإجماع في الحلف بالطلاق على لزومه، فلم يقل به.
الطريق الثالثة: طريق من يقول: ليس الحلفُ بالطلاق شيئًا، وهذا صحيح عن طاوس، وعكرمة.
أما طاوس (?) فقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعمر، عن ابن جُريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: أنه كان لا يرى الحلف بالطلاق شيئًا.
وقد ردّ بعضُ المتعصبين لتقليدهم ومذاهبهم هذا النقل، بأن عبد الرزاق ذكره في (باب يمين المُكْرَه)، فحمله على الحلف بالطلاق مُكرَهًا.
وهذا فاسدٌ، فإن الحجة ليست في التّرجمة، وإنما الاعتبارُ بما يُروَى في أثناء الترجمة، ولا سيَّما المتقدِّمين كابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، ووكيع وغيرهم؛ فإنهم يذكرون في أثناء التراجم آثارًا لا تُطابق الترجمة، وإن كان لها بها نوعُ تعلّقٍ، وهذا في كتبهم لمن تأمّله أكثرُ وأشهر من أن يخفى، وهو في "صحيح البخاري" وغيره، وفى كتب الفقهاء، وسائر المصنّفين.