فقوله: "قلب أجرد" أي متجرد مما (?) سوى الله ورسوله، فقد تجرد وسلِم مما سوى الحق، و"فيه سراج يزهر"؛ وهو مصباح الإيمان، فأشار بتجرده إلى سلامته من شبهات الباطل وشهوات الغي، وبحصول السراج فيه إلى إشراقه واستنارته بنور العلم والإيمان.
وأشار بـ "القلب الأغلف" إلى قلب الكافر؛ لأنه داخل في غلافه وغشائه، فلا يصل إليه نور العلم والإيمان، كما قال تعالى حاكيًّا عن اليهود: {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]. وهو جمع أغلف، وهو الداخل في غلافه كقُلْف وأقلَف؛ وهذه الغشاوة هي الأكِنّة التي ضربها الله تعالى على قلوبهم عقوبة لهم على رد الحق والتكبر عن قبوله؛ فهي أكنةٌ على القلوب، ووقْرٌ في الأسماع، وعمّى في الأبصار، وهي الحجاب المستور عن العيون في قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الإسراء: 45، 46]. فإذا ذُكِرَ لهذه القلوب تجريدُ التوحيد وتجريدُ المتابعة ولىّ أصحابها على أدبارهم نفورًا.
وأشار بـ "القلب المنكوس" - وهو المكبوب - إلى قلب المنافق، كما قال تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88]؛ أي نكسهم وردَّهم في الباطل الذي كانوا فيه، بسبب كسبهم وأعمالهم