لم يبلغه وأقام دونه، فالأجرة كذا وكذا، فقالوا: لا يصحُّ العقد؛ لأنَّا لا نعلم على أيّ المسافتين وقع العقد؟
قالوا: والحيلة في تصحيحه: أن يُسمّي للمكان الأقرب أجرةً، ثم يسمّي منه إلى المكان الأبعد أجرةً أخرى، فيقول مثلًا: آجرتك إلى الرّمْلَة بمئة، ومن الرملة إلى مصر بمئة، لكن لا يأمن المستأجر مطالبة المؤجر له بالأجرة إلى المكان الأقمى، ويكون قد أقام في المكان الأقرب.
فالحيلة في تخلّصه: أن يشترط عليه الخيار في العقد الثاني إن شاء أمضاه، وإن شاء فسخه.
ويصحُّ اشتراط الخيار في عقد الإجارة، إذا كانت على مدة لا تلي العقد.
والقياس يقتضي صحة الإجارة على أنه إن وصل إلى مكان كذا وكذا فالأجرة مئة، وإن وصل إلى مكان كذا وكذا فالأجرة مئتان، ولا غَرَرَ في ذلك، ولا جهالة.
وكذا إذا قال: إن خِطْت هذا الثوب رُوميًّا؛ فلك درهمٌ، وإن خِطْته فارسيًا؛ فلك نصف درهم؛ فإن العمل إنما يقع على وجه واحد.
وكذلك قطع المسافة، فإنه إما أن يقطع القريبة أو البعيدة، فلا يُشبه هذا قوله: بِعْتكَه بعشرة نقدًا، أو عشرين نسيئة؛ فإنه إذا أخذه لا يَدري بأيّ الثمنين أخذ، فيقع التنازع، ولا سبيل لنا إلى العلم بالمعيّن منهما، بخلاف عقد الإجارة؛ فإن استيفاء المعقود عليه لا يقع إلا معيَّنًا، فيجب أجرهُ (?).