لما حرّم عليهم شحومها جَمَلوه، ثم باعوه، فأكلوا ثمنه". رواه البخاري، وأصله متفق عليه (?).
قال الإمام أحمد -في رواية صالح وأبي الحارث- في أصحاب الحيل: "عمدوا إلي السّنَن، فاحتالوا في نَقْضِها، فالشيء الذي قيل: إنه حرام احتالوا فيه حتي أحلُّوه"، ثم احتج بهذا الحديث، وحديث: "لعن اللهُ المحلِّل والمحلَّل له" (?).
قال الخطابي (?) وقد ذكر حديث الشحوم: في هذا الحديث بطلان كل حيلة يُحتالُ بها للتوصِّل إلى المحرَّم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئاته، وتبديل اسمه.
وقد مُثِّلت حيلة أصحاب الشحوم بمن قيل له: لا تَقْرَبْ مال اليتيم، فباعه، وأخذ ثمنه فأكله، وقال: لم آكل نفس مال اليتيم، أو اشترى شيئًا في ذمَّته، ونَقَده، وقال: هذا قد ملكته، وصار عِوضه دَينًا في ذمتي؛ فإنما أكلت ما هو ملكي باطنًا وظاهرًا.
ولولا أن الله سبحانه رحم هذه الأمة بأن نَبِيَّها - صلى الله عليه وسلم - نبَّههم على ما لُعنت به اليهود، وكان السابقون منها فُقهاء أتقياء، علموا مقصود الشارع، فاستقرّت الشريعة بتحريم المحرمات من الدم، والميتة، ولحم الخنزير، وغيرها، وإن تبدّلت صورها، وبتحريم أثمانها = لطرَّق الشيطان لأهل الحِيَل ما طرَّق لهم في الأثمان ونحوها؛ إذ البابان باب واحد على ما لا يخفى.