للعموم، فالمراد بالآية: كل الطلاق مرتان، والمرة الثالثة التي تُحرِّمها عليه، وتُسقِط رَجْعَتَهُ، وهذا صريح في أن الطلاق المشروع هو المتفرق؛ لأن المرات لا تكون إلا متفرقة، كما تقدم.
قالوا: ويدُل عليه قول تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، فهذا حكم كل طلاق شرعه الله، إلا الطلقة المسبوقة بتطليقتين قبلها؛ فإنه لا يبقى بعدها إمساك.
قالوا: ويدلُّ عليه قوله سبحانه: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231]، و"إذا" من أدوات العموم، كانَّه قال: أيُّ طلاقٍ وقع منكم في أيِّ وقتٍ فحُكْمُه هذا، إلا أنه أخرج من هذا العموم الطَّلقة المسبوقة باثنتين، فنفيُ ما عداها داخلٌ في لفظ الآية نصًّا أو ظاهرًا.
قالوا: ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]، فهذا عام في كل طلاق غير الثالثة المسبوقة باثنتين، فالقرآن يقتضي أن ترجع إلى زوجها إذا أراد في كل طلاق، ماعدا الثالثة.
قالوا: ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 1، 2]، ووجه الاستدلال