صنم في نهر القَلّوط ينذرون له ويتبركون به، وقطع الله سبحانه النُصْب الذي كان عند الرّحَبة يُسْرَج عنده، ويتبرك به المشركون، وكان عمودًا طويلاً على رأسه حجر كالكُرة، وعند مسجد درب الحجر نُصْب قد بُني عليه مسجد صغير، يعبده المشركون، يسَّر الله كَسْرَهُ.
فما أسرع أهل الشرك إلى اتخاذ الأوثان من دون الله، ولو كانت ما كانت! ويقولون: إن هذا الحجر، وهذه الشجرة، وهذه العين تقبل النذر؛ أي: تقبل العبادة من دون الله تعالى، فإن النذر عبادة وقربة يتقرب بها الناذر إلى المنذور له، ويتمسُحون بذلك النُّصُب، ويستلمونه.
ولقد أنكر السَّلف التمسُّح بحجر المقام الذي أمر الله أن يُتخذ منه مُصلىّ، كما ذكر الأزرقي في كتاب مكة (?) عن قتادة، في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، قال: "إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئًا ما تكلفته الأمم قبلها (?)؛ ذُكر لنا من رأى أثره وأصابعه، فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخْلَوْلَق".
وأعظم الفتنة بهذه الأنصاب: فتنة أنصاب (?) القبور، وهي أصل فتنة