وهو في بيت فاطمة يتعشّى، فقال: هَلُمّ إلى العشاء، فقلت: لا أريده، فقال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إذا دخلت المسجد فسلِّمْ، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تتخذوا بيتي عيدًا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا عليّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم". ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواءٌ (?).
فهذان المرسلان - من هذين الوجهين المختلفين - يدلَّان على ثبوت الحديث؛ لا سيما وقد احتج من أرسله به، وذلك يقتضي ثبوته عنده، هذا لو لم يكن رُويَ من وجوه مسندة غير هذين، فكيف وقد تقدّم مسندًا؟
قال شيخ الإسلام (?) قدَّس الله روحه: ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهَى عن اتخاذه عيدًا، فقبر غيره أولى بالنهي، كائنًا من كان، ثم إنه قرن ذلك بقوله: "ولا تتخذوا بيوتكم قبورًا" أي: لا تعطلوها من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحرّي النافلة في البيوت، ونهى عن تحرّي العبادة عند القبور، وهذا ضد ما عليه المشركون من النصارى وأشباههم، ثم إنه عقّب النهي عن اتخاذه عيدًا