فصل
في الجواب عما احتج به أهل الوسواس
أما قولهم: إن ما نفعله احتياط لا وسواس.
قلنا: سمُّوه ما شئتم، فنحن نسألكم: هل هو موافق لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره وما كان عليه أصحابه؛ أو مخالف؟
فإن زعمتم أنه موافق فبَهْتٌ وكذب صريح، فإِذَنْ لا بد من الإقرار بعدم موافقته، وأنه مخالف له، فلا ينفعكم تسمية ذلك [47 أ] احتياطًا، وهذا نظير مَن ارتكب محظورًا وسماه بغير اسمه، كما تُسمَّى الخمر بغير اسمها، والربا: معاملة، والتحليل الذي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعله (?): نكاحًا، ونَقْرَ الصلاة الذي (?) أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن فاعله لم يصل (?)، وأنه لا تُجزئه صلاته ولا يقبلها الله منه: تخفيفًا! فهكذا تسمية الغُلُوِّ في الدين والتنطُّع احتياطًا.
وينبغي أن يُعلم أن الاحتياط الذي ينفع صاحبه ويُثيبه الله عليه: الاحتياطُ في موافقةِ السنة، وترك مخالفتها، والاحتياط كلُّ الاحتياط في ذلك؛ وإلا فما احتاط لنفسه مَنْ خرج عن السنة، بل ترك حقيقة الاحتياط في ذلك.