ما يلقاه الموسوس من الأذى والعنت

ويقرأ بلسانه، بحيث تسمعه أذناه ويعلمه بقلبه، بل يعلمه غيره منه ويتيقنه، ثم يشك هل فعل ذلك أم لا؟ وكذلك يشككه الشيطان في نيته وقصده التي يعلمها من نفسه يقينًا، بل يعلمها غيره منه بقرائن أحواله، ومع هذا يقبل قول إبليس في أنه ما نوى الصلاة ولا أرادها؛ مكابرةً منه لعِيانه، وجحدًا ليقين نفسه، حتى تراه متلدِّدًا متحيرًا؛ كأنه يعالج شيئًا يجتذبه، أو يجد شيئًا في باطنه يستخرجه؛ كل ذلك مبالغة في طاعة إبليس، وقبول من وسوسته، ومن انتهت طاعته لإبليس إلى هذا الحد فقد بلغ النهاية في طاعته.

ثم إنه يقبل قوله في تعذيب نفسه، ويطيعه في الإضرار بجسده، تارة بالغوص في الماء البارد، وتارة بكثرة استعماله وإطالة العَرْك، وربما فتح عينيه في الماء البارد، وغسل داخلهما حتى يضر ببصره، وربما أفضى إلى كشف عورته للناس، وربما صار إلى حال يسخر منه الصبيان، ويستهزئ به من يراه.

قلت: ذكر أبو الفرج ابن الجوزي (?) عن أبى الوفاء ابن عقيل أن رجلًا قال له: أَنغَمِسُ في الماء مرارًا كثيرة، وأشكّ هل صح الغسل أم لا؟ فما ترى في ذلك؟ فقال له الشيخ: اذهب؛ فقد سقطت عنك الصلاة، قال: وكيف؟ قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يُفِيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبيّ حتى يبلغ" (?)، ومن ينغمس في الماء مرارًا ويشك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015