عليه، والجائر عنهُ إما مُفرط ظالم، أو مجتهد متأوّل، أو مقلد جاهل، فمنهم المستحق للعقوبة (?)، ومنهم المغفور له، ومنهم المأجور أجرًا واحدًا، بحسب نيَّاتهم ومقاصدهم، واجتهادهم في طاعة الله ورسوله، أو تفريطهم.

ونحن نسوق من هَدْي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهدي أصحابه ما يبين أيّ الفريقين أولى باتباعه، ثم نجيب عما احتجوا به، بعون الله وتوفيقه.

ونقدِّم قبل ذلك ذكر النهى عن الغلوّ، وتعدِّي الحدود، والإسراف، وأن الاقتصاد والاعتصام بالسنة عليهما مدار الدين.

قال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171]، وقال تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141]، وقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]، وقال تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].

وقال ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غَدَاة العَقَبَة وهو على ناقته: "الْقُطْ لي حَصًى"، فلقطتُ له سبع حصياتٍ من حمى الخَذْف، فجعل ينفُضُهُنّ في كَفّه ويقول: "أمثال هؤلاء فارْموا"، ثم قال: "أيها الناس! إياكم والغلوَّ في الدين؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم الغلوُّ في الدين"، رواه الإمام أحمد، والنسائي (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015