وكما أن هذا الحكم هو موجب القرآن وصريحه، فهو موجب الفطرة ومقتضى العقل، فإن الله سبحانه حرم على عبده أن يكون قَرْنانا دَيُّوثًا زوجَ بغيّ، فإن الله فطر الناس على استقباح ذلك واستهجانه، ولهذا إذا بالغوا في سب الرجل قالوا: زوج قَحْبةٍ، فحرّم الله تعالي على المسلم أن يكون كذلك.
فظهرت حكمة التحريم، وبأن معنى الآية، والله الموفق.
ومما يوضح التحريم، وأنه هو الذي يليق بهذه الشريعة الكاملة: أن هذه الخيانة من المرأة تعود بفساد فراش الزوج، وفساد النسب الذي جعله الله بين الناس لتمام مصالحهم، وعَدُّوهُ من جملة نعمه عليهم، فالزنى يُفضِي إلى (?) اختلاط المياه واشتباه الأنساب، فمن محاسن الشريعة تحريم نكاح الزانية حتى تتوب وتُستبرأ.
وأيضًا فإن الزانية خبيثة، كما تقدم بيانه، والله سبحانه جعل النكاح سببًا للمودة والرحمة، والمودة: خالص الحب، فكيف تكون الخبيثة مودودة للطيِّب، زوجًا له؟ والزوج سُمِّيَ زوجًا من الازدواج، وهو الاشتباه؛ فالزوجان: الاثنان المتشابهان (?)، والمنافرة ثابتة بين الطيب والخبيث شرعًا وقَدَرًا، فلا يصحُّ معها الازدواج والتراحم والتوادُّ، ولقد أحسن كلَّ الإحسان مَنْ ذهب إلى هذا المذهب، ومنع الرجل أن يكون زوج قحبة.
فأين هذا مِن قول مَن جوَّز أن يتزوجها ويطأها الليلة، وقد وطئها الزاني البارحة؟ وقال: ماء الزاني لا حرمة له. فهب أن الأمر كذلك؛ فماء الزوج له حرمة، فكيف يجوز اجتماعه مع ماء الزاني في رحم واحد؟