يكون البطّالون من الحكماء، ولا يِلِجُ الزناة مَلكوتَ السماء".
ولما كانت هذا حال الزنى كان قرينا للشرك في كتاب الله، قال تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3].
والصواب القول بأن هذه الآية محكمة يُعمل بها, لم ينسخها شيء، وهي مشتملة على خبير وتحريم، ولم يأتِ من ادّعى نسخها بحجةٍ البتة، والذي أشكل منها على كثير من الناس واضح بحمد الله، فإنهم أشكل علهم قوله: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}؛ هل هو خبر أو نهي أو إباحة؟
فإن كان خبرًا فقد رأينا كثيرًا من الزناة ينكح عفيفة. وإن كان نهيًا فيكون قد نهى الزاني أن يتزوجٍ إلا بزانية أو مشركة، فيكون نهيا له عن نكاح المؤمنات العفائف، وإباحة له نكاحَ المشركات والزواني، والله سبحانه لم يُرِد ذلك قطعًا، فلما أشكل عليهم ذلك طلبوا للآية وجهًا يصح حملها عليه.
فقال بعضهم: المراد من النكاح الوطء والزنى، فكأنه قال: الزاني لا يزني إلا بزانية أو مشركة.
وهذا فاسدٌ، فإنه لا فائدة فيه، ويُصان كلام الله عن حمله على مثل ذلك، فإنه من المعلوم أن الزاني لا يزني إلا بزانية، فأي فائدة في الإخبار بذلك؟ ولما رأى الجمهور فساد هذا التأويل أعرضوا عنه.
ثم قالت طائفة: هذا عام اللفظ خاص المعنى، والمراد به رجل واحد وامرأة واحدة، وهي عَناق البَغِيّ وصاحبها؛ فإنه أسلم واستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نكاحها، فنزلت هذه الآية (?).