وقال الحسن: "قد أفلح من زكى نفسه، فأصلحها وحملها على طاعة الله، وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله" (?).
قال ابن قتيبة (?): "يريد: أفلح من زكَّى نفسه، أي أنماها وأعلاها بالطاعة، والبِرّ، والصدقة، واصطناع المعروف، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10]، أي نقصها وأخفاها بترك عمل البر، وركوب المعاصي. والفاجر أبدًا خفيُّ المكان، زَمِرُ المروءة، غامض الشخص، ناكس الرأس، فمرتكب الفواحش قد دَسَّى نفسه وقمعها، ومصطنع المعروف شهَّر نفسَه ورفعها. وكانت أجواد العرب تنزل الرُّبى ويَفَاع الأرض؛ لتُشهِّر أماكنها للمُعْتفين (?)، وتوقد النيران في الليل للطارقين، وكانت اللئام تنزل الأوْلاج والأطراف والأهضام؛ لتُخفِي أماكنهَا على الطالبين، فأولئك أعلوا أنفسهم وزكَّوها، وهؤلاء أخفوا أنفسهم ودسَوها". وأنشد (?):
وَبَوَّأتَ بَيْتَكَ في مَعْلَمٍ ... رَحيبِ المَباءَةِ وَالمَسْرَحِ
كَفَيْتَ العُفَاةَ طِلابَ القِرَى ... وَنَبْحَ الكِلَابِ لمُسْتَنْبح
فهذان قولان مشهوران في الآية.