المتزكِّي، والفرق بينهما فرقُ ما بين الفاعل والمطاوع.

قالوا: والذي جاء في القرآن من إضافة الزكاة إلى العبد إنما هو بالمعنى الثاني دون الأول؛ كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، وقوله: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18]؛ أي تقبل تزكية الله لك، فتزكّى.

قالوا: وهذا هو الحق؛ فإنه لا مفلح إلا من زكّاه الله.

قالوا: وهذا اختيار ترجمان القرآن ابن عباس؛ فإنه قال في رواية علي ابن أبى طلحة، وعطاء، والكلبيّ: "قد أفلح من زكى اللهُ نفسَه" (?).

وقال ابن زيد: "قد أفلح من زكى الله نفسه" (?)، واختاره ابن جرير.

قالوا: ويشهد لهذا القول -أيضًا- قوله في أول السورة: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8].

قالوا: وأيضًا فإنه سبحانه أخبر أنه خالق النفس وصفاتها؛ وذلك هو معنى التسوية.

قال أصحاب القول الآخر: ظاهر الكلام ونظمه الصحيح يقتضي أن يعود الضمير على {مَن}؛ أي أفلح من زكَّى نفسَه، هذا هو المفهوم المتبادر إلى الفهم، بل لا يكاد يُفهم غيره، كما إذا قلت: هذه جارية قد ربح من اشتراها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015