الفاسدة، فيصلح القلب، فتصلح إرادته، ويعود إلى فطرته التي فُطِر عليها، فتصلح أفعاله الاختيارية الكسبية، كما يعود البدن بصحته وصلاحه إلى الحال الطبيعي، فيصير بحيث لا يقبل إلا الحق، كما أن الطفل لا يقبل إلا اللبن:

وَعَادَ الفَتَى كَالطِّفْلِ لَيْسَ بقَابِلٍ ... سِوَى المحض شَيْئًا وَاسْتَراحَتْ عَوَاذِلُهْ (?)

فيتغذَّى القلب من الإيمان والقرآن بما يزكِّيه ويقوِّيه، ويؤيده ويفرحه، ويسرُّه وينشِّطه، ويثبِّت ملكه، كما يتغذّى (?) البدن بما ينمِّيه ويقويه، وكلٌ من القلب والبدن محتاج إلى أن يتربَّى (?)، فينمو ويزيد حتى يكمل ويصلح. فكما أن البدن محتاج إلى أن يُربَّى بالأغذية المصلحة له، والحِمْية عما يضره، فلا ينمو إلا بإعطاء ما ينفعه، ومنع ما يضره؛ فكذلك القلب لا يزكو ولا ينمو ولا يتم صلاحه إلا بذلك، ولا سبيل له إلى الوصول إلى ذلك إلا من القرآن، وإن وصل إلى شيء منه من غيره فهو نَزْرٌ يسير، لا يحُصِّل تمام المقصود، وكذلك الزرع لا يتم إلا بهذين الأمرين، فحينئذٍ يقال: زَكَا الزّرْعُ وكَمُلَ.

ولما كانت حياته ونعيمه لا يتم إلا بزكاته وطهارته: لم يكن بدٌّ من ذكر هذا وهذا، فنقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015