والمراد قسمان:
أحدهما: ما هو مراد لنفسه، والثاني: ما هو مراد لغيره.
والمستعان قسمان (?):
أحدهما: ما هو مستعان بنفسه، والثاني: ما هو تبع له وآلةٌ.
فهذه أربعة أمور: مراد لنفسه، ومراد لغيره، ومستعان بنفسه، ومستعان بكونه آلةً وتبعًا للمستعان بنفسه.
فلا بد للقلب من مطلوب يطمئن إليه، وتنتهي إليه محبته، ولا بدّ له من شيء يتوصل به ويستعين به في حصول مطلوبه، والمستعان مدعوٌّ ومسؤول، والعبادة والاستعانة كثيرًا ما يتلازمان، فمن اعتمد القلب عليه في رزقه ونصره ونفعه خضع له، وذَلَّ له، وانقاد له، وأحبَّه من هذه الجهة وإن لم يحبَّه لذاته، لكن قد يغلب عليه حكم الحال حتى يحبه لذاته، وينسى مقصوده منه.
وأما من أحبه القلب وأراده وقصده فقد لا يستعين به، ويستعين بغيره عليه، كمن أحب مالًا أو منصبًا أو امرأة، فإن علم أن محبوبه قادر على تحصيل غرضه استعان (?) به، فاجتمع له محبته والاستعانة (?) به.
فالأقسام أربعة: محبوب لنفسه وذاته مستعان بنفسه؛ فهذا أعلى الأقسام، وليس ذلك إلا لله وحده، وكلُّ ما سواه فإنما ينبغي أن يحُبَّ تبعًا لمحبته، ويُستعان به لكونه آلةً وسببًا.