بما في التوراة من نعته وصفته يقولون: ليس هو، ونحن ننتظره.
قالوا: وقد روَى أبو داود في "سننه" (?) عن ابن عمر، قال: أتى نَفَرٌ من اليهود، فدعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إلى القُفّ، فأتاهُم في بيت المِدْراس، فقالوا: يا أبا القاسم! إن رجلاً منّا زنى بامرأةٍ، فاحكم، فوضعوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسادةً، فجلس عليها، [175 أ] ثم قال: "ائتوني بالتوراة"، فأتي بها، فنزع الوسادة من تحته، ووضع التوراة عليها، ثم قال: "آمنت بكِ وبمن أنزلكِ"، ثم قال: "ائتوني بأعلمكم"، فأُتي بفتًى شابٍّ ... ثم ذكر قصة الرجم.
قالوا: فلو كانت مُبدّلة مُغيّرة لم يضعها على الوسادة، ولم يقل: "آمنت بكِ".
قالوا: وقد قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 115]، والتوراة من كلماته.
قالوا: والآثارُ التي في كتمان اليهود صفةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة، ومَنْعِهم أولادَهُم وعوامّهم من الاطلاع عليها: مشهورة، ومن اطّلع عليها منهم قالوا له: ليس به.
فهذا بعضُ ما احتجّتْ به هذه الفرقة.
وتوسَّطت طائفة ثالثة، وقالوا: قد زِيدَ فيها، وغُيّر ألفاظٌ يسيرةٌ، ولكنَّ أكثرها باقٍ على ما أُنزل عليه، والتبديلُ في يسير منها جدًّا.