لترتُّبِ أثره عليه، وبخلاف السكران المغلوب [على] (?) عقله، فإنه غيرُ مكلفٍ. والغضبان مكلَّفٌ مختارٌ، فلا وجه لإلغاء كلامه.
فالجواب: أن يقالُ: إنْ أُريد بالاختيار رضاهُ به وإيثارُه له، فليس بمختار، وإن أردتُم أنه وقع بمشيئته وإرادته التي هو غيرُ راضٍ بها ولا بأثرها، فهذا بمجرَّده. لا يُوجِبُ ترتُّب الأثر، فإن هذا الاختيار ثابتٌ للمكرَه والسكران، فإنا لا نشترط في السكران أن لا يفرِّقَ بين الأرض والسماء، بل المشتَرَط في عدم ترتُّب أثرِ أقواله: أنه يَهْذي ويخلِطُ في كلامه، وكذلك المحمومُ والمريض.
وأبلغ من هذا: الصبيُّ المراهقُ للبلوغ, إذْ هو من أهل الإرادة والقصد الصحيح، ثم لم يَتَرتَّب على كلامه أثرُه، وكذلك مَنْ سَبقَ لسانُه بالطلاق ولم يُرِدْهُ فإنه لا يَقَع طلاقُه، وقد أتى باللفظ في حال الاختيار غيرَ مكرهٍ، ولكنْ لم يقصِدْهُ.
والغضبانُ وإن قصده فلا حُكمَ لقصده في حال الغضب؛ لما تقدَّم من الأدلة الدالة على ذلك.
وقد صرَّح أصحابُنا: مَن (?) كان جنونُه لِنَشافٍ، أو برسامٍ، لا يقعُ طلاقُه، ويسقط حكمُ تصرُّفه، وإن كانتْ (?) معرفتُه عْيرَ ذاهبةٍ بالكلية، ولا يضرُّه أن يَذْكُر الطلاقَ، وأنه أوقعه (?).