الوجه الثاني عشر

الوجه الثاني عشر: أن قاعدة الشريعة أن العوارض النفسيَّة لها تأثيرٌ في القول، إهدارًا واعتبارًا، وإعمالًا وإلغاءً.

وهذا كعارض النسيان، والخطأ، والإكراه، والسُّكْر، والجنون، والخوف، والحزنِ، والغفلة، والذهول، ولهذا يُحْتَمَلُ منِ الواحد من هؤلاء من القولِ مالا يُحْتَمَل مِنْ غيرِه، ويُعْذَرُ بما لا يُعْذَرُ به غيرُه، لعدم تجرُّدِ القصدِ والإرادة، ووجود الحامل على القول.

ولهذا كان الصحابةُ يَسْأَلُ أحدُهم الناذِرَ: أفي رضًا قلتَ ذلك أم في غضب؟، فإنْ كان في غضبٍ أَمره بكفارة يمين (?)؛ لأنهم استدلوا بالغضب على أن مقصوده الحضُّ والمنعُ، كالحالف، لا التقرُّب.

وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]، فَجَعلَ عارض السُّكر مانعًا من اعتبار قراءةِ السكران وذكرِه وصلاتِه، كما جعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مانعًا من صحة إقراره لمَّا أمر باستنكاه (?) مَنْ أقرَّ بين يديه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015