قلَّما يتمكن منه إلا اغتال عقله = فقصَدَ إزالة الغضبِ وإطفاء ناره، وهذا مقصودٌ صحيحٌ في نفسه، لكنْ لما غاب عنه عَقلُه قَصَد إزالة ذلك- ممَّا فيه ضررٌ عليه - ليخفِّفَ عن نفسه ما هو فيه من البلاء، ولولا ذلك لم يفعل مالا يفعله في الرِّضا، ولا تكَلَّمَ بما لم يكن يتكلم به، فهو قَصَدَ أن يستريح ويَسْكُن ويَبْرُدَ غضبُه بتلك الأقوال والأفعال، وإن لم يدفع ذلك عنه جملتة (?) تلك الشِّدَّة فإنها تُخَفِّفُ وتُضْعف.
فاقتضت رحمة الشارع به أنْ ألغى أقوالَه في هذه الحال؛ إذْ يُمْكِنُ (?) أن لا يترتَّب عليها أثرها، وتكون كأقوال المُبَرْسَم, والمجنون الهاجِر (?)، ونحوهما، وأما الأفعال فلا يُمْكِن إلغاء أثرها؛ فرَتَّبَ عليه مُوجَب فعله.
فإن قيل: فيلزمكم على هذا أنه لو حلف في هذه الحال أن لا تنعقد يمينه.
قيل: قد قال بذلك جماعة من السلف والخلف، واختاره من لا يُرتابُ في إمامته وجلالته، وكان يُقْرَنُ بالأئمة الكبار: إسماعيل بن إسحاق القاضي (?).
فإن قيل: لكنَّ المنقول عن الصحابة وجمهور التابعين والأئمة